فجوات في سلم التلميذ!
§ في سلم التلميذ نحو المشيخة، وفي درجه نحو الأستاذية: فجوات ومنحدرات وهاوية! § نحن لا نؤهل الطالب لأدنى درجة من البحث الدلالي (الأدلة)، والترجيح القولي (الأقوال)، والتنزيل الواقعي (تحقيق المناط)، ثم نضعه شيخا بدون مقدمات في فوهة المدفع ليطلق فتواه على الدرجة الأقصى!
§ ولذا فليست مهمة الأستاذ فتح أقفال الكتاب ولكن في وضع كشاف بيد التلميذ يبصر به دربه.
§ ما الفائدة من كسر أقفال الكتاب كلها إذا كانت الأقفال موصدة في ذهن التلميذ المسكين!
§ أستاذي، إذا كنتَ قد شرحتَ كتابي الورقي فإنك لم تتصفح يوما أوراق حياتي.
§ يدرس الطالب في سلم دراسته المذهب الفقهي، والراجح عند شيخه، ثم يجد نفسه فجأة في دوامة البحث الأكاديمي!
§ تشفق عليه، وأنت تراه يتدحرج عند أول درجة! في لحظة اختيار الموضوع! أما الخطة! فما أدراك ما الخطة؟!
§ ومن هنا شاعت عمليات الانتحار، فكم هم الباحثون الذين طلقوا الأكاديمية بالثلاث؟ ومن غير رجعة! وبما فارقوها خلعا! وكادت أن تكون كفرا!
§ من المتواتر عند طالبي الماجستير: أنهم وجدوا أنفسهم في عالَم آخر! وكأنهم غرباء، فمنهم من يعدِّد لك الفوائد التي جناها، ومنهم من يقص لك مآسيه التي تجرعها.
§ هذه الفجوات العميقة في مناهجنا هي في صدارة الأسباب المؤدية إلى المزالق: فجوة بين حلقة الشيخ وبين قاعة البحث، فجوات بالجملة بين درسه وواقعه.
§ لماذا مناهجنا الشرعية مغيبة عن واقعنا؟
الأسباب بلا خجل:
1/ عقول متحجرة على أيام الزمن الماضي الجميل.
2/إرادة مشلولة عن مواكبة الإصلاح.
وفي الأخير: ذخيرة حية من الفقه في صناديق عتيقة بالأقفال!
§ أول خطوة أن يدرك الأستاذ والتلميذ أنهم في كتاب متاح، وليس في المنهج المفترض، هذا الوعي يحل كثيرا من العقد، ويؤسس للجيل الجديد بطموحه وآماله..
§ يجادل بعضهم: بأن النوازل العصرية تخرّج على المسائل القديمة !
إذن لماذا صنف أسلافنا: المتون والشروح والحواشي؟ أما كان أجدر بهم التخريج على النصوص؟ فهي أكمل وأوفى وأتم.
§ قل بملء فيك: إننا مقصرون، فإن هذا الأسف حافز إلى تدارك الفائت، وإياك أن تدافع عن التقصير والخمول، فأنت حينئذ من جملة الآفات والعوائق...
§ هل ندرك ماذا تعني الفجوة في السلم؟ تعني أنه سيسقط عاموديا في لحظة ما! وكلما كانت الفجوة أعلى كان السقوط أدهى!
§ وكم من طالب عوَّل على حدة دهائه في تجاوز الفجوة! ثم في لحظة فرحه سقط على قفاه!