الفرق بين القاعدة الفقهية وجوامع الكلم
معنى " جوامع الكلم ":
هذه الكلمة وردت في قوله صلى الله عليه وسلم: "بُعثتُ بجوامع الكلم " [1].
ومعناها: "الموجز من القول مع كثرة المعاني". وهي: "جمع جامعة, لجمعها الحِكم والمنافع في لفظٍ قليلٍ" [2]. أي أنه صلى الله عليه وسلم بُعث بجوامع الكلمات القليلة الجامعة للمعاني الكثيرة [3].
المراد بـ"جوامع الكلم":
فُسِّرت كلمة "جوامع الكلم" بالقرآن والأحاديث النبوية معا. قال ابن حجر : "وجوامع الكلم: القرآن, فإنه تقع فيه المعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة, وكذلك يقع في الأحاديث النبوية الكثير من ذلك" [4].
قال الزهري : وبلغني أن جوامع الكلم: أن الله يجمع الأمور الكثيرة التي كانت تُكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد والأمرين أو نحو ذلك. [1]
قال ابن حجر : "وحاصله أنه صلى الله عليه وسلم كان يتكلم بالقول الموجز القليل اللفظ الكثير المعاني". قال: "وجزم غير/ 3الزهري بأن المراد بـ"جوامع الكلم": القرآن بقرينة قوله: "بُعثت", والقرآن هو الغاية في إيجاز اللفظ واتساع المعاني [2]
فتبيّن مما سبق أن مفهوم قوله صلى الله عليه وسلم "بُعثتُ بجوامع الكلم" شامل لجوامع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية [3].
قال ابن منظور في معنى "جوامع الكلم": "يعني: القرآنَ وما جَمع الله عزّ وجلّ بلطفه من المعاني الجمّة في الألفاظ القليلة, كقوله عز وجل {خُذِ العفو, وَأْمُرْ بالعُرف, وأَعرِضْ عن الجاهلين} [الأعراف 199] وفي صفته صلى الله عليه وسلم أنه كان يتكلم بجوامع الكلم, أي أنه كان كثير المعاني, قليل الألفاظ" [4].
أنواع جوامع الكلم وعلاقتها بالقواعد الفقهية:
يظهر من خلال ما تقدم من توضيح مفهوم كلمة "جوامع الكلم" وجه الاشتراك بينها وبين القواعد الفقهية في تحقق صفة العموم والوجازة في كل منهما, فقد وُصفت "جوامع الكلم" بأنها تلك الكلمات التي تتصف بالعموم في معانيها ومضامينها بحيث تشتمل على معان متعددة واسعة في آنٍ واحد وبأقل الألفاظ. وهذا ما نراه متحققا في القواعد الفقهية أيضا؛ فإنها أحكام كلية عامة, بألفاظ لكن جوامع الكلم - سواء كانت من القرآن الكريم أو السنة النبوية- ليست منحصرة كلها في نوع (القواعد الفقهية), بل هي على أنواع كما يلي:
- جوامع الكلم التي جرت نفس نصوصها مجرى القواعد الفقهية.
- جوامع الكلم التي يتعلق مضمونها بالأحكام الفقهية, وقد استند إليها الفقهاء في صياغة القواعد الفقهية المعبّرة عن تلك الأحكام, فهي تُعدّ مصادر لإنشاء القواعد الفقهية.
- جوامع الكلم التي تتعلق بأمور شرعية أخرى غير الأحكام الفقهية, كالعقيدة, والتربية والسلوك والأخلاق...
---------------------------------------------
[1] رواه البخاري 4/54(2977)، وفي مواضع أخرى ، ومسلم 1/371(523)(6)من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[2] نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض للخفاجي 2/209 نقلا عن القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير للندوي ص124 .
[3] عمدة القاري للعيني 25/24 .
[4] فتح الباري 6/128
[1] المرجع نفسه 12/401 .
[2] فتح الباري 13/247 .
[3] انظر القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص124-125 .
[4] لسان العرب 8/53 نقلا عن القواعد والضوابط المستخلصة من التحرير ص124.