القول المنيع في رد القول الشنيع
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
ظهرت فتوى غريبة شنيعة عن الدكتور ياسر برهامي ما ملخصها أن المسلم إذا هدد بالقتل في مقابل أن يزنى بحريمه قدم حفظ المفس على البضع ونسب ذلك للعز بن عبد السلام .
والحقيقة أن سلطان العلماء قال نحوا من ذلك فقال يقدم حفظ النفس على حفظ البضع .
وقد تحيرت كثيرا في هذه القاعدة وسلمت بها اعتقادا مني لتنزيههم عن مثل ذلك حتى رجعت الى كلام أئمتنا السادة الشافعية الذين بينوا الأمر وفصلوه بما لا يدع محلا للحيرة أو مجالا للشك في أن علماءنا رحمهم الله وأخص الشافعية منهم لا يقولون مثل هذا القول الشنيع بل ولا يكون لازم كلامهم .
وهذه الفتوى مردودة من وجوه :
الأول : أن الشيخ فسرها كما أراد لا كما أراد العلماء فمعلوم أن العز بن عبد السلام من كبار الشافعية وكتبه من الكتب المعتمدة في المذهب فلا يفسر مراده إلا الشافعية الذين بنوا فروعهم على تأصيلاته.
الثاني : زمن الفتوى غير مقبول ومناسب إطلاقا .
الثالث : مخالفتها لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من مات دون عرضه فهو شهيد ).
الرابع : أن الدكتور لم يفرق بين هذا المقام الذي ذكره وبين مقام آخر وهو وجوب دفع الصائل كما سأبين .
وسأسوق لك بعص النصوص لكبار أئمتنا كي تعلم منها وجوب الدف ومراد العز بن عبد السلام :
فمراد العز يدخل فيه ما قاله الرملي الكبير في حاشيته :
لَوْ صَالَ قَوْمٌ عَلَى النَّفْسِ وَالْبُضْعِ وَالْمَالِ قُدِّمَ الدَّفْعُ عَنْ النَّفْسِ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْبُضْعِ وَالْمَالِ وَالدَّفْعُ عَنْ الْبُضْعِ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْمَالِ وَالْمَالُ الْخَطِيرُ عَلَى الْحَقِيرِ.
أما وجوب دفع الصائل لو صال على العرض فمعلوم لا ينكر فكيف ينسب الدكتور غيره مع شناعته للشافعية ودونك هذه النصوص:
قال الشيخ الخطيب:
وَيجب الدّفع عَن بضع لِأَنَّهُ لَا سَّبِيل إِلَى إِبَاحَته وَسَوَاء بضع أَهله وَغَيرهم وَمثل الْبضْع مقدماته وَعَن نَفسه إِذا قَصدهَا كَافِر وَلَو مَعْصُوما.
قال القليوبي :
قَوْلُهُ: (أَوْ بُضْعٍ) وَكَذَا مُقَدِّمَاتُهُ قَوْلُهُ: (إذَا كَانَتْ إلَخْ) هُوَ قَيْدٌ لِوُجُوبِ الدَّفْعِ وَعَدَمِ الضَّمَانِ وَيَجُوزُ الدَّفْعُ عَنْ غَيْرِ الْمَعْصُومِ، إلَّا بِنَحْوِ قَطْعٍ أَوْ تَلَفِ مَنْفَعَةِ عُضْوٍ. نَعَمْ قَالَ شَيْخُنَا: يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ بُضْعِ الْحَرْبِيَّةِ، وَلَوْ بِالْقَتْلِ قَالَ: وَدَخَلَ فِي الْمَعْصُومِ الْكَلْبُ الْمُحْتَرَمُ فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الصَّائِلُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا مَعْصُومًا وَأَدَّى إلَى قَتْلِهِ وَنَقَلَ عَنْ الْخَادِمِ مَا يُخَالِفُهُ فَرَاجِعْهُ.
قال الجمل :
(فَرْعٌ)
قَالَ م ر يَجِبُ الدَّفْعُ إذَا كَانَ الصَّائِلُ حَيَوَانًا، وَالْمَصُولُ عَلَيْهِ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا حَتَّى لَوْ صَالَ كَلْبٌ عَلَى كَلْبٍ مُحْتَرَمٍ وَجَبَ الدَّفْعُ.
هذا في الحيوان المحترم فما بالك بالإنسان .
قال البيجرمي على الخطيب :
قَوْلُهُ: (عَنْ بُضْعٍ) وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ وَسَوَاءٌ قَصَدَهُ مُسْلِمٌ مَحْقُونُ الدَّمِ أَمْ لَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر.
وقع لبعض أئمتنا أنه لا يجب الدفع إذا اعتدى مسلم على المرأة بخلاف الكافر وهي عبارة شيخ الإسلام في المهنج وتبعه غيره وهي مردودة بان ما استقر عليه المذهب هو وجوب الدفع كما أن الذين قالوا لا يجب قالوا بالاستحباب .
كذلك وقع أنهم قالوا إذا كان الصائل مسلم وجب الاستسلام ومقصودهم الاستسلام للقتل كما فعل قابيل كي ينال الشهادة لا أنه يستسلم فيوافق على الفاحشة .
وقع كذلك لبعضهم أنه قال لا يجب الدفع بل يستحب إذا خاف على نفسه أو عضوه أو منفعته ورده الشيخ الجمل وحمل الكلام ما إذا كان لحريم غيره ، علما بأن الرملي الكبير يقول بوجوب الدفع مطلقا .
الخلاصة :
قال في نهاية الزين :
وَالْحَاصِل أَنه إِذا صال شخص وَلَو غير عَاقل كمجنون وبهيمة أَو غير مُسلم أَو غير مَعْصُوم وَلَو آدمية حَامِلا على شَيْء مَعْصُوم لَهُ أَو لغيره نفسا أَو عضوا أَو مَنْفَعَة أَو بضعا أَو مَالا وَإِن قل أَو اختصاصا كَذَلِك فَلهُ دَفعه جَوَازًا فِي المَال والاختصاص ووجوبا فِي غَيرهمَا فَإِن وَقع صيال على الْجَمِيع فِي زمن وَاحِد وَلم يُمكن إِلَّا دفع وَاحِد فواحد قدم وجوبا النَّفس أَي وَمَا يسرى إِلَيْهَا كالجرح فالبضع فَالْمَال الخطير فالحقير إِلَّا أَن يكون لذِي الخطير غَيره أَو وَقع على صبي يلاط بِهِ وَامْرَأَة يَزْنِي بهَا قدم الدّفع عَنْهَا وجوبا لِأَن حد الزِّنَا مجمع عَلَيْهِ وَلما يخْشَى من إختلاط الْأَنْسَاب وَلذَلِك كَانَ الزِّنَا أَشد حُرْمَة من اللواط
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
ظهرت فتوى غريبة شنيعة عن الدكتور ياسر برهامي ما ملخصها أن المسلم إذا هدد بالقتل في مقابل أن يزنى بحريمه قدم حفظ المفس على البضع ونسب ذلك للعز بن عبد السلام .
والحقيقة أن سلطان العلماء قال نحوا من ذلك فقال يقدم حفظ النفس على حفظ البضع .
وقد تحيرت كثيرا في هذه القاعدة وسلمت بها اعتقادا مني لتنزيههم عن مثل ذلك حتى رجعت الى كلام أئمتنا السادة الشافعية الذين بينوا الأمر وفصلوه بما لا يدع محلا للحيرة أو مجالا للشك في أن علماءنا رحمهم الله وأخص الشافعية منهم لا يقولون مثل هذا القول الشنيع بل ولا يكون لازم كلامهم .
وهذه الفتوى مردودة من وجوه :
الأول : أن الشيخ فسرها كما أراد لا كما أراد العلماء فمعلوم أن العز بن عبد السلام من كبار الشافعية وكتبه من الكتب المعتمدة في المذهب فلا يفسر مراده إلا الشافعية الذين بنوا فروعهم على تأصيلاته.
الثاني : زمن الفتوى غير مقبول ومناسب إطلاقا .
الثالث : مخالفتها لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من مات دون عرضه فهو شهيد ).
الرابع : أن الدكتور لم يفرق بين هذا المقام الذي ذكره وبين مقام آخر وهو وجوب دفع الصائل كما سأبين .
وسأسوق لك بعص النصوص لكبار أئمتنا كي تعلم منها وجوب الدف ومراد العز بن عبد السلام :
فمراد العز يدخل فيه ما قاله الرملي الكبير في حاشيته :
لَوْ صَالَ قَوْمٌ عَلَى النَّفْسِ وَالْبُضْعِ وَالْمَالِ قُدِّمَ الدَّفْعُ عَنْ النَّفْسِ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْبُضْعِ وَالْمَالِ وَالدَّفْعُ عَنْ الْبُضْعِ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْمَالِ وَالْمَالُ الْخَطِيرُ عَلَى الْحَقِيرِ.
أما وجوب دفع الصائل لو صال على العرض فمعلوم لا ينكر فكيف ينسب الدكتور غيره مع شناعته للشافعية ودونك هذه النصوص:
قال الشيخ الخطيب:
وَيجب الدّفع عَن بضع لِأَنَّهُ لَا سَّبِيل إِلَى إِبَاحَته وَسَوَاء بضع أَهله وَغَيرهم وَمثل الْبضْع مقدماته وَعَن نَفسه إِذا قَصدهَا كَافِر وَلَو مَعْصُوما.
قال القليوبي :
قَوْلُهُ: (أَوْ بُضْعٍ) وَكَذَا مُقَدِّمَاتُهُ قَوْلُهُ: (إذَا كَانَتْ إلَخْ) هُوَ قَيْدٌ لِوُجُوبِ الدَّفْعِ وَعَدَمِ الضَّمَانِ وَيَجُوزُ الدَّفْعُ عَنْ غَيْرِ الْمَعْصُومِ، إلَّا بِنَحْوِ قَطْعٍ أَوْ تَلَفِ مَنْفَعَةِ عُضْوٍ. نَعَمْ قَالَ شَيْخُنَا: يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ بُضْعِ الْحَرْبِيَّةِ، وَلَوْ بِالْقَتْلِ قَالَ: وَدَخَلَ فِي الْمَعْصُومِ الْكَلْبُ الْمُحْتَرَمُ فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الصَّائِلُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا مَعْصُومًا وَأَدَّى إلَى قَتْلِهِ وَنَقَلَ عَنْ الْخَادِمِ مَا يُخَالِفُهُ فَرَاجِعْهُ.
قال الجمل :
(فَرْعٌ)
قَالَ م ر يَجِبُ الدَّفْعُ إذَا كَانَ الصَّائِلُ حَيَوَانًا، وَالْمَصُولُ عَلَيْهِ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا حَتَّى لَوْ صَالَ كَلْبٌ عَلَى كَلْبٍ مُحْتَرَمٍ وَجَبَ الدَّفْعُ.
هذا في الحيوان المحترم فما بالك بالإنسان .
قال البيجرمي على الخطيب :
قَوْلُهُ: (عَنْ بُضْعٍ) وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ وَسَوَاءٌ قَصَدَهُ مُسْلِمٌ مَحْقُونُ الدَّمِ أَمْ لَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر.
وقع لبعض أئمتنا أنه لا يجب الدفع إذا اعتدى مسلم على المرأة بخلاف الكافر وهي عبارة شيخ الإسلام في المهنج وتبعه غيره وهي مردودة بان ما استقر عليه المذهب هو وجوب الدفع كما أن الذين قالوا لا يجب قالوا بالاستحباب .
كذلك وقع أنهم قالوا إذا كان الصائل مسلم وجب الاستسلام ومقصودهم الاستسلام للقتل كما فعل قابيل كي ينال الشهادة لا أنه يستسلم فيوافق على الفاحشة .
وقع كذلك لبعضهم أنه قال لا يجب الدفع بل يستحب إذا خاف على نفسه أو عضوه أو منفعته ورده الشيخ الجمل وحمل الكلام ما إذا كان لحريم غيره ، علما بأن الرملي الكبير يقول بوجوب الدفع مطلقا .
الخلاصة :
قال في نهاية الزين :
وَالْحَاصِل أَنه إِذا صال شخص وَلَو غير عَاقل كمجنون وبهيمة أَو غير مُسلم أَو غير مَعْصُوم وَلَو آدمية حَامِلا على شَيْء مَعْصُوم لَهُ أَو لغيره نفسا أَو عضوا أَو مَنْفَعَة أَو بضعا أَو مَالا وَإِن قل أَو اختصاصا كَذَلِك فَلهُ دَفعه جَوَازًا فِي المَال والاختصاص ووجوبا فِي غَيرهمَا فَإِن وَقع صيال على الْجَمِيع فِي زمن وَاحِد وَلم يُمكن إِلَّا دفع وَاحِد فواحد قدم وجوبا النَّفس أَي وَمَا يسرى إِلَيْهَا كالجرح فالبضع فَالْمَال الخطير فالحقير إِلَّا أَن يكون لذِي الخطير غَيره أَو وَقع على صبي يلاط بِهِ وَامْرَأَة يَزْنِي بهَا قدم الدّفع عَنْهَا وجوبا لِأَن حد الزِّنَا مجمع عَلَيْهِ وَلما يخْشَى من إختلاط الْأَنْسَاب وَلذَلِك كَانَ الزِّنَا أَشد حُرْمَة من اللواط