Quantcast
Channel: الملتقى الفقهي
Viewing all articles
Browse latest Browse all 15662

عندما يغيب الوعي النفسي! .. (منهج حياة)

$
0
0
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يُرجى القراءة بتمعّن وتدبّر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإن النضوج العقلي لا يكون بمجرد التحصيل العلمي والمعرفي! فالمنطق وحده -بالرجوع إلى مبادئ فلسفية بحتة مثل "السببية"- قد يُفضي بصاحبه للإلحاد! الإدراك البشري يخضع لعاملين؛ العقل والإيمان، فآلية التفكير في حدّ ذاتها ينبغي أن تخضع لتلك الثنائية الخاصة بالإدراك.
فنجد الخلاف ينشأ بسبب خلل في هذا الإدراك..
-سبب خاص بالعقل: ويكون في عدم القدرة على النظر إلى كافة نواحي المشكلة الواحدة.
-سبب خاص بالثنائية: ويكون عند غياب الثنائية في الإدراك.
والخطأ يكون عند اختلال في إدراك هذه الثنائية أيضًا! فنجد -مثلًا- إيمانًا بلا علم، أو العكس. والحقيقة أن العلم لا يتعارض مع الدين والإيمان، ببساطة لا يمكن لهذا أن يحصل! .. المشكلة الحقيقية لا تكمن في حقائق هذا العالم، بل في طبيعة تفسيرنا لها وفقًا لكثير من العوامل الداخلية والمؤثرات الخارجية.
إلا أن جانب التحصيل العلمي والمعرفي يبقى ظاهر غالبًا في طلبة العلم! وإنما العامل النفسي -والروحي بطبيعة الحال- هو الذي يغيب عنّا في معظم الأوقات! وغيابه له مفاسد على النفوس لا تخفى، سنتعرض لبعضها في هذا الموضوع بمشيئة الله تعالى.
المنطق -بالرغم من أنه قوة حقيقية- يمكن أن يتحطم عندما يصل بالإدراك إلى حدود متطرفة! والشواهد على ذلك كثيرة، البشر منقسمون إلى صنفين، صنف يعطي الأولوية للعلم والمنطق (الحس)، وصنف يعطي الأولوية للشعور والإحساس (الحدس)، والصواب أننا بحاجة لكلا القوتين، الحسّ والحدس، المنطق والإيمان.
داخل كل إنسان توازن حساس بين المنطق والإيمان، وهذه النقطة هامة جدًّا، ويجب إدراكها بشكل واضح، التوازن الخاص بالمنطق والإيمان يبني الإدراك الفردي، إن طغت قوة الإيمان على المنطق فنحن أمام أشخاص "لا يعلمون"، فالإيمان الحقيقي لا يتحقق دون العلم، فالعلم وسيلة للوصول إلى الإيمان الصحيح.
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الزمر: 9].
وفي المقابل إن نظرة مجردة إلى المنطق كقوة وحيدة مسيطرة على العقل تجعل المرء يستمر في طرح الأسئلة إلى مالانهاية! .. وهذا ليس منهجًا علميًّا البتّة، وهل إذا استمررنا في طرح الأسئلة سندرك كل شيء؟! إن اختلال الاتزان نحو المنطق المجرد ودفع العقل إلى إدراك ما لا يمكنه إدراكه يصل بالعقل إلى حالة انهيار ذاتي "الجنون"، فالمجنون غير قادر على الإدراك وهو بذلك غير قادر على الإيمان أيضًا.
ما يحفظ الإدراك بعيدًا عن فجوة "الجنون" هي المنطلقات الإيمانية، الإيمان يردع المنطق عن الوصول إلى المناطق التي يبدأ عندها بالانهيار، تمامًا كحالة الانهيار التي نراها في الأجهزة والحواسيب (آلات المنطق).
الإيمان دون وعي هو إيمان المقلّد، والذي يهتزّ عند أول شبهة، فأما الإيمان الصحيح فلا يتأتّى إلا بالعلم.
فالطريق الوحيد لإدراك الأشياء إدراكًا صحيحًا يتمثل بالموازنة بين الإيمان والمنطق.
إن الفرق بين الإيمان والجهالة وبين المنطق والجنون هو فارق رفيع جدًّا.

Viewing all articles
Browse latest Browse all 15662

Trending Articles