البنات أمهات المستقبل مربيات شباب ورجال الأمة
في ضوء قوله تعالى: قال تعالى: (قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ)، ثم ما قالوه قديما: (التعلم في الصغر كالنقش على الحجر)، (ومن شبّ على شيء .. شاب عليه، ومن شاب على شيء .. مات عليه، ومن مات على شيء .. بُعث عليه، ومن بُعث على شيء .. حوسب عليه؛ فأي شيء ننشأ صغارنا عليه، ونعلمهم إياه، وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ..)؟التربية الربانية الحسنة؛ وما أدراك ما هي هذه التربية؟ وماذا تصنع؟ وماذا تبني؟ وكيف تستقر بها البيوت؟ وترتقي بها الأمم! وتقدم بها الشعوب دينيا وأخلاقيا وعلميا وعمليا ومستوى عيشة رغد، والتي تتجمل بحسن الخلق وحلو الخصال وأدب المعاملة وحفظ العهود والأمانة والحقوق، والرحمة بالصغير واحترام الكبير وبر الوالدين وحسن معاملة الجار والضيف وابن السبيل، والتكافل مع الفقير، ولا يكون هذا إلا بتوفيق الله تعالى للمرء.
التربية الحسنة؛ بناء أمة قوية لا يزعزعها أهواء عابرة أو مدبرة.
التربية الحسنة؛ تنمية وتطور ورخاء واستقرار.
التربية الحسنة؛ كل جميل ممكن أن يُقال لا يدلل على عظم أهمية التربية الربانية الحسنة، وهذه السلعة الغالية تأتي بالدعاء والقدوة الحسنة والتعلم والصبر والحلم، والنظرة السليمة والواعية لبناء مستقبل الأمة والحرص على مصالحها.
التربية الحسنة تُكتسب من تعلم سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسير الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم، والقصص والأمثال الصالحة... ولا ننس أبدا الدعاء بالتوفيق لهذا الأمر العظيم.
إن بناء الأجيال يجب أن يكون له منهجا واضحا يضعه متخصصون في التربية، ويعينهم فيه علماء اللغة والتفسير والتاريخ لصناعة الأجيال الصالحة.
إن من يريد أن يبني بيتا يحضر المتخصصون من أهل العلم والدراية في البناء والهندسة والتخطيط، فما بالنا ببناء أمة قد تكالب عليها عالم الشر والفتن ولم يرحم ضعفها؛ بل ساهم ويساهم في هذا الضعف ويقتات عليه، ويشرعن له الأحكام لإحكام قبضته علينا... فكل شيء من الرسوم المتحركة (أفلام الكرتون) والتليفزيون مرورا بالتعليم في المدارس، والتعليم الإعدادي والثانوي والجامعي والطرق الحياتية؛ كلها كوارث متلاحقة متتالية تصيب التربية الصالحة في مقتل، ولا ندري أهذا بتعمد أو غير تعمد.. ولكن المحصلة؛ هو ما نرى آثاره على الأمة الإسلامية.
نريد العلماء الأفاضل أن يستخرجوا قواعد في التربية لبناء أمة واعية .. عاملة .. فاهمة .. نورها يضيء ظلام الكون المشبع بالظلم، ويمحو جهله الآثم، ويكسبه النور الرباني الذي مبناه القرآن والسنة، ليتحقق مقاصد الله تعالى من خلقنا، وهي عبادة الله وحده بلا شريك أو هوى.
نريد البنت التي ستكون غدا فتاة، وبعد سنوات قليلة تصير شابة، والتي أُعدت اعدادا سليما صحيحا لتكون الأم الربانية المؤمنة التي تعلم جيدا قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)، وقوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وقوله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وقوله تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، وقوله تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، والعمل بما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم من روايةأنس ابن مالك المتفق عليها: (لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنَفْسِه).
فلقد كثر أمام ناظرينا في هذا الزمان الشباب والشابات الذين يفهموا الدين بعقولهم وليس بما أراد الله تعالى، قوله تعالى: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا). إلا من رحم ربي، واللهم اعف عنا وعنهم وعن المسلمين أجمعين.
يتبع إن شاء الله تعالى
اللهم ردنا إليك ردا جميلا واهد قلوبنا، ووفقنا للإخلاص ورضاك، اللهم آمين.
سهير علي