Quantcast
Channel: الملتقى الفقهي
Viewing all articles
Browse latest Browse all 15662

علماء الشافعية الذين تولوا منصب شيخ الأزهر

$
0
0
(1)
نقلا عن موقع مشيخة الأزهر.

العلامة الشيخ إبراهيم البرماوي : ثاني مشايخ الازهر.
هو الشيخ العلامة إبراهيم بن محمد بن شهاب الدِّين بن خالد البرماوي الأزهري الشافعي الأنصاري نسبةً إلى "برما" من قُرى محافظة الغربيَّة... وهو ثاني شيوخ الأزهر حسَب ما ذكره "الجبرتي" في "عجائب الآثار" ج1، ودرس في الأزهر على يد كبار الشيوخ، وعكَف على دروس الشيخ أبي العباس شهاب الدين محمد القليوبي، وكان من أعظم علماء عصره، مُتعدِّد الثقافات، وألَّف كثيرًا من الشروح، ثم أُذِنَ له أنْ يقوم بالتدريس، فأقبل عليه الطلاب وغير الطلاب نتيجةَ علمه، وكان من أنجب تلاميذه إبراهيم الفيومي.

الشيخ عبد الله الشبراوي : الشيخ السابع من مشايخ الأزهر.
هو الشيخ السابع للأزهر الشريف.. عبدالله بن محمد بن عامر بن شرف الدين الشبراوي الشاعر الأديب، والذي يُعتبر فاتحةً لعصر النهضة والتحرُّر، وُلِدَ سنة 1092هـ بالقاهرة.
ونبغ من صِغره بعد أنْ حفظ القُرآن وهو في سنٍّ صغيرة، وكان شاعرًا مرموقًا، وكاتبًا فريدًا، وعالمًا واسع الاطِّلاع، متعمقًا في الفقه والحديث، وعلم الكلام وأصوله.
والإمام عبدالله الشبراوي هو شخصيَّة فذَّة جمعت بين مواهب كثيرة متعدِّدة؛ فهو شاعر ممتاز كما ذكرنا بالنسبة لعصره، وأشار إليه الجبرتي في ترجمته: "الإمام الفقيه المحدِّث الأصولي المتكلِّم الماهر الشاعر الأديب".
وتولَّى منصب مشيخة الأزهر وله من العمر أربعة وثلاثون عامًا، وكان شافعيَّ المذهب، وبيئته بيئة علميَّة صالحة كلها علم ودِين... فكانت البيئة العلميَّة المناسبة لنموِّ مواهبه، وأينعت ونضجت عن أطيب الثمرات في عصره، هذا العصر الذي يعدُّ نهايةَ عصر الظلام، وبدايةً لفجر نهضةٍ جديدة... يقول الجبرتي: "إنَّه من بيت العلم والجلالة؛ فجدُّه عامر بن شرف الدين، وصفه بالحِفظ والذَّكاء، ومن جهة بيئته العلميَّة فيكفي أنَّه تتلمَذَ على يد الإمام "الخراشي" الشيخ الأول للأزهر، ونالَ منه الإذن لتدريس ما سمعه منه، وهو دُون العاشرة، ومن أساتذته المرموقين العلامة الأديب الشاعر الشيخ حسن البدري، وكان من الشعراء الممتازين في زمنه، ترَك ديوانين من الشعر: أولهما: "تنبيه الأفكار للنافع والضار"، وثانيهما: "إجماع الإناس من الوثوق بالناس"، وله أرجوزةٌ في التصوُّف نحو ألف وخمسمائة بيت من الشعر على أسلوب ديوان "الصادح والباغم" وهو اسم ديوان لابن الهيارية يشبه "كليلة ودمنة" في القصة، وقد روى الجبرتي بعضَ قصائده، ومن الواضح أنَّ الشيخ الشبراوي تأثَّر بأدبه، كما أنَّه تتلمذ عليه في علم الحديث، وتلقَّى الفقه على العلامة الشيخ شهاب الدين أحمد النحلي الشافعي، ومن شيوخه أيضًا الشيخ خليل اللقاني، والزرقاني والنفراوي، وشيوخه وأساتذته كثيرون.
وللشيخ الشبراوي ثَبَتٌ - مرجع - ذكر فيه مرويَّاته عن شيوخه، سنشيرُ إليه لاحقًا، وكما استفاد بكثيرين من خيار العلماء الأعلام أيضًا أفاد كثيرين من طلابه، منهم على سبيل المثال لا الحصر العلامة الفقيه الشيخ علي بن شمس الدين محمد الشافعي الخضري، وقد أجازَه برواية الكتب الصحاح السِّتَّة، وأيضًا الإمام الفصيح الشيخ إبراهيم بن محمد بن عبدالسلام الزمزمي المكي، والمقام لا يسمحُ بذِكر كلِّ طلابه، وما أكثرهم! وأشهرهم من الوزراء، وكان من شيمة العلماء في هذا العصر وما قبله أنْ يذكر العالم سنده أو ثبَتَه فيما رواه عن شيوخه من مصنَّفات، وأنَّه يجيزُ تلاميذه بما ذكروه عنه من مرويَّات، وأيضًا: أنَّ طلبة العلم أيَّام مشيخة الشيخ الشبراوي يتميَّزون بالعلم والأدب، والاحترام سمة العلماء، وصار لأهل العلم في عصره وفي مدَّة تولِّيه لمشيخة الأزهر رفعة ومهابة.
والشيخ الشبراوي شافعيُّ المذهب، ومن الصعب جدًّا أنْ يتنازل أصحاب مذهبٍ عن شيءٍ في أيديهم لأصحاب مذهبٍ آخَر مهما كانت قيمته، وبخاصَّة أنَّ المتنازل عنه هو أسمى وأشرف منصبٍ في الأزهر - وهو المشيخة - سبق أن اعتلى الشيخ البرماوي هذا المنصب وهو شافعي! والإمام الشبراوي أثبَتَ كفاءته بجدارة لمنصب المشيخة أمام المالكيَّة؛ لأنه تتلمذ على الأئمَّة الذين سبقوه إلى أريكة المشيخة، وأنهم كانوا جميعًا يُقدِّرونه ويعرفون مَزاياه ومواهبه وذكاءه، وأنَّ الشيخ الخراشي وهو مَن هو في علمه وخلفه قد كرم الشيخ الشبراوي، وأَذِنَ له في النقل عنه وهو صبي في الثامنة من عمره؛ لأنَّه كان يحفظ كتب السُّنَّة الستة ويرويها بإذنٍ من شيوخه، وهذا يعني أنَّه كان من الحفَّاظ الذين يُشار إليهم بالبَنان، وينتقل إليهم طلاب الحديث من مكانٍ إلى مكان ومن بلدٍ إلى بلد؛ طلبًا للرواية، وأنَّه كان ينتمي إلى بيتٍ له قَدره في الرِّياسة والعلم، والمتتبِّع للترجمة التي كتبها "الجبرتي" في يوميَّاته لأبيه الشيخ محمد بن عامر وجده عامر بن شرف الدين يجد أنَّه يصف الأوَّل بالعلم الواسع والمكانة المرموقة، ويصف الثاني بما سبق ويزيد عليه أنَّه أحد الحفَّاظ المعدودين في الحديث... وأنَّه كان شاعرًا يفيضُ شعره رقَّةً وعذوبةً وجزالةً تبعًا للمقام والمناسبة التي يقولها فيه، وكان يغترف من بحرٍ، فهو شاعرٌ من الطبقة الأولى، ولا ينحصرُ شِعره في غرضٍ واحدٍ ولا في فنٍّ واحد.

الشيخ محمد سالم الحفني : الشيخ الثامن من مشايخ الأزهر.
وُلِد فضيلة الإمام الشيخ محمد بن سالم الحفني الشافعي الخلوتي الحسيني سنة 1100هـ - 1689م، ببلدة "حفنا" من قرى بلبيس محافظة الشرقيَّة، وتولَّى منصب مشيخة الأزهر سنة 1171هـ - 1757م، واستمرَّ شيخًا للأزهر مدَّة عشر سنوات.
قال عنه الجبرتي: "كان - رحمه الله - قطب رحَى الدِّيار المصريَّة"، ولا يتمُّ أمر من أمور الدولة وغيرها إلا باطِّلاعه وإذنه".
وكعادة أهل القرية أنْ يذهب الصبي إلى الكُتَّاب لحِفظ القُرآن الكريم، وقد كان في بيئةٍ صالحة، ونبته نبتًا طيبًا، وفي الرابعة عشرة من عُمره وفد للقاهرة وأكمل تعليمَه بالأزهر، وأخذ العلم عن أشهر علمائها، واجتهد حتى أصبح أمهرَ طلاب عصره وأقرأهم، ودرس وأفاد في حضرة مشايخه، وأجازوه بالإفتاء والتدريس، ومن أشهر مشايخه العلامة الشيخ محمد البديرني الدمياطي، الشهير بابن "الميت"، أخذ عنه التفسير والحديث، و"إحياء علوم الدين"؛ للغزالي، والكتب الستَّة، والمعاجم الثلاثة "الكبير والأوسط والصغير"؛ للطبراني، و"صحيح ابن حيان"، و"المستدرك"؛ للنيسابوري، و"حلية الأولياء"؛ لأبي نُعيم، وقد حاز الشيخ الإمام محمد الحفني على ثقافةٍ واسعة، وصقلته التجارب العديدة، وزكَّته الصوفيَّة السامية، واجتمعت فيه عناصر التوفيق كلها، وقلَّما تجتمع في إنسانٍ إلا إذا لاحظته العناية الربانيَّة، فهو شريف حسيني من جهة أمِّ أبيه السيدة ترك بنت السيد سالم بن محمد بن علي بن أبي طالب، وهذه ميزة تُذكَر للشيخ "الحفني"، وتُوضَع على رأس مَزاياه، فإنَّ الانتساب للإمام الحسيني انتسابٌ لجدِّه سيد المرسلين محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو شرفٌ لصاحبه في الدنيا والآخِرة، وكان الانتساب للرسول - عليه الصلاة والسلام - في هذا الزمن يلزمُ صاحبه بالتمسُّك بسنَّته الشريفة، والالتزام بتقوى الله، ليتَّفق هذا مع شرَف نسبه الكريم.
وكما ذكرنا أنَّه حفظ القُرآن الكريم حتى سورة الشعراء، وله من العمر أربع عشرة سنة، وبناءً على نصيحة الشيخ البشبيشي؛ حيث أتَمَّ حفظ "ألفية بن مالك" في النحو والصرف، و"السلم"، و"الجوهرة"، و"الرحبية"، و"أبي شجاع"... وغيرها من المتون.
وفي الثانية والعشرين من عمره كان قد تبحَّر في علوم النحو والفقه والمنطق والحديث والأصول وعلم الكلام، وبرع في العروض، وظهرت مواهبه الأدبيَّة في الشعر وفنونه - بالفصحى والعامية - كما ظهرت براعته في النثر طبقًا للأسلوب السائد في عصره، فأذن له مشايخه وأجازوه بالإفتاء والتدريس في هذه السِّنِّ المبكِّرة، وأمَّا تجاربه العديدة التي مرَّ بها في بداية حياته فإنَّه ذاق مَرارة الفقر فلم تذلَّه قلة اليد، ثم ذاق حلاوة الغنى فلم تبطره الثروة ولا الغِنَى، بل كان قمَّةً في العطاء والسخاء، وعلى الرغم من مَناصبه العديدة، ووصوله إلى أعلى المناصب وذروة المجد، إلا أنَّه كان متواضعًا، جمَّ الحياء، كريم النفس، رحبَ الصدر، متمسكًا بالخلق وبالمروءة والوفاء، وله هيبة ووقار، لا يكاد أحدٌ يسأله لمهابته وجلالته، فهو مَهِيب الشكل، عظيم اللحية أبيضها، وكأنَّ على وجهه قنديل نور.

Viewing all articles
Browse latest Browse all 15662

Trending Articles